وكـر الـذئـب

Saturday, May 13, 2006

اذكروا الله يا كفرة - الجزء الثانى


بسم الله الرحمن الرحيم
" قلنا مزحة ولا البد راح يرجع يحكينا .. تارى القصة عن جد ما بده يحاكينا "
احم ..
عفوًا , هل يضايقكم الصوت العالى للأغنية ؟ حسنًا سأخفض الصوت قليلاً .. مشكلتى أننى حين اسمع الرائعة جوليا بطرس اندمج بشدة مع الكلمات و اللحن, هذا غير الصوت الرائع للمطربة اللبنانية الشهيرة .
كعادتى أجلس .. ها ؟ أين ؟ ماذا ؟ فى الحمام ؟؟ رغم احترامى الشديد لكل الأمزجة إلا أنى اجده مكانًا غريبًا نوعًا للإبداع ! بالطبع أجلس فى ... ها ؟؟؟ برررررافوووو .. فى غرفتى .. فى الظلام ... و أمامى قدح ضخم من القهوة الفرنسية الرائعة !
اليوم أكمل موضوعى عن أتباع مبدأ " اذكروا الله يا كفرة " المرة الماضية تحدثت , كمثال , عن خطيب مسجد المنطقة التى اقطنها .. للأمانة , الرجل ليس دائما هكذا , احيانا نادرة يكون متزنًا فى خطابه , و إن اثار هلعى من حين لآخر بشخطاته المفاجئة وسط الخطبة !
اليوم اتحدث عن نوع جديد من تطبيق شعار " اذكروا الله يا كفرة " و هو التعصب و التشدد تجاه " الآخر ".
خلاصة حياة الإنسان على الأرض , بما تضمنته من رسالات و ابحاث و افكار , تعلمنا أن هناك دائما " آخر " يجب أن نحترمه و نراعيه و نُحسِن التفاعل معه لتستمر الحياة . المشكلة أن كثيرون لا يعترفون بهذا , و يتعاملون معه دائما على انه عدو , أو فى افضل الأحوال , خصم , يجب أن نهزمه و ندحره و ندمره تدميرًا .. و لهم فى هذا أساليب عدة تبدأ بالسباب و تنتهى , عياذا بالله , لإراقة الدم انهارًا !
و الآخر الذى اقصده فى هذا الموضوع بالذات هو غير المسلم , تحديدًا , أهل الكتاب من يهود و نصارى .
هؤلاء خلعت عليهم شريعتنا السمحة صفات عدة , أبرزها أنهم اهل ذمة , أى أنهم فى ذمتنا نحن المسلمين , أرواحهم و أموالهم و أعراضهم و مشاعرهم , أمانة فى أعناقنا إلى يوم الدين . و المفروض أن يكون المسلم أهل لتلك الأمانة .
لكن للأسف البعض يتعاملون مع اخواننا اهل الكتاب على انهم كائنات خطرة شريرة يجب أن نسحقها سحقا .. و لهذا مظاهر عدة :
- على سبيل المثال , نجد بعض الخطباء فى يوم الجمعة , يستنزلون اللعنات على اليهود و النصارى . قد يقول البعض , اليهود يستحقون اللعن , و لهم أقول : الصهاينة يستحقون اللعن , أما اليهود فهم أهل كتاب , بينما الصهيونى يخالف بصهيونيته كل آيات التوراة و الإنجيل و القرآن , بل يخالف الفطرة ذاتها ايضا !
و المنبر لم يُجعَل مهبطًا لللعنات ! بل هو منارة هداية ! و لا يليق بإنسان يحترم بيت الله ان يتلفظ فيه بلفظ اللعن ولو سرًا , الرسول عليه الصلاة و السلام لم يُبعَث لعانًا , و أنت ان كنت ترى أن هذا او ذاك , ضال , لا تلعنه .. ادع له بالهداية , فقدرة الله تعالى على الهداية هى نفس قدرته على اللعن ! فليكن اختيارك ان تدعو بالهداية فهو الدعاء الذى يليق بنا و بأخلاقنا .
- مثال آخر على مخالفة تعليمات الشريعة بصدد التعامل مع أهل الكتاب : من الطبيعى أن تدور من حين لآخر حوارات بين الأديان و المذاهب , لا بأس , لكن للحوار آداب و قواعد , و له ناسه و مختصيه , لكن للأسف نرى احيانًا من يعتبرون أنهم أهل لهذه المناظرات , فى حين أنهم لا يتمتعون بموهبة النقاش , و قد لا تزيد ثقافتهم الدينية على كتب "عذاب القبر " و أهوال يوم القيامة التى تباع على ارصفة المساجد , مع احترامى للجميع , بالتالى تتحول المناظرة من حوار بين الأفكار , إلى , عفوًا للتعبير , وصلة ردح عقائدية ! و العقائد جميعها بريئة من هذا الأسلوب !
و للأسف لا نرى , إلا فى ما ندر , خطيبًا يقوم يوم الجمعة ليحث الناس على حسن معاملة غير المسلم , او يقول لهم أن الرسول عليه الصلاة و السلام قال: من آذى ذميًا فقد آذانى " , و لا نجد من يقول أن لو كان اهل الكتاب لا يستحقون حسن المعاملة , ما كان الله تعالى أحل لرجالنا الزواج من نسائهم , و الزواج هو أبرز صور التراحم و المودة ! بل نجد للأسف من نسبة كبيرة منهم سبًا و لعنًا و شتمًا , فى الميكروفونات , الأمر الذى لكم ان تتخيلوا أثره السيىء على الوحدة الوطنية !
المفروض أن من يأخذ الدين و يؤمن به , يأخذه ككتلة واحدة لا تتجزأ , لا يقبل فقط آيات الويل و الثبور و عظائم الأمور , بينما يقلل من شأن نصائح التواد و التراحم و حسن الجيرة !
و العقل يقول أن من يعيش ببلد به اختلافات مذهبية او دينية , عليه أن يُدرِك حقيقة أن لا مكان لكلمتىّ "أنا " و " أنت " , الكلمة الصحيحة هى " نحن " !! فنحن جميعًا فى مركب واحد و مهمتنا الحفاظ على توازنه و سيره الواثق الآمن !
و ما يغيظنى ايضًا , افتاءات البعض أن المسيحيين لا يحق لهم المشاركة فى الحفاظ على الأمن ولا الإنخراط فى الجيش , و أن عليهم بدلاً من هذا أن يؤدوا الجزية ! الرد على هؤلاء , أن الجزية ليست نظامًا استحدثه الإسلام , بل هى تقليد متبع فى كل دولة تسيطر عليها قوة ما , فتأخذ الجزية من اهلها كمقابل للحماية , هذا كان قديما عندما كان المسلمون حديثو استقرار فى مصر , و كانوا اصحاب القوة العسكرية الوحيدة فى القطر المصرى , أما الآن فالمسلمون و المسيحيون أصبحوا يشكلون شعبًا واحدًا , يشترك فى مواجهة الأزمات و التهديدات و تحمل تبعات الكوارث و الملمات .. فعلى أى اساس نأخذ الجزية ؟ و عن استبدال الخدمة العسكرية بالجزية اقول , ما دمنا شعبًا واحدًا , فبأى حق تحرم طائفة من الشعب طائفة أخرى من حق دفاعها عن وطن تشترك فيه الطائفتان ؟
هذه الفئة التى تسيىء فهم تعاليم الدين بشأن أهل الكتاب , لا تمثل الإسلام , بل تمثل الجهل و التعصب و الظلم , و هى صفات جاء الإسلام لينزعها من العالم نزعًا !
اتقوا الله فى دينكم ! لو فهمتم حقًل لماذا انتشر الإسلام و دخل فيه الناس افواجًا ما كنتم تعتنقون مذهب التعصب الدينى الأعمى
" بسم الله الرحمن الرحيم . إذا جاء نصر الله و الفتح . و رأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجًا . فسبح بحمد ربك و استغفره إنه كان توابًا . صدق الله العظيم "
هل تفهون معنى هذا الكلام الكريم من رب العرش العظيم ؟ إنه يأمرنا إن كانت لنا الغلبة فى بلد أن نسبح و نحمد و نستغفر . لا أن نلعن و نعادى و نجور !
و تذكروا أن الله تعالى حملنا دماء و اعراض و اموال أهل الكتاب فى هذا البلد , أمانة . فلنكن أهلاً لها , فهذا اختبار إلهى , بئس عاقبة من يفشل فى إجتيازه !
تحياتى
وليد
الإسكندرية
13من مايو 2006م

3 Comments:

  • At 1:35 PM, Blogger Felix said…

    عزيزي وليد,
    اولا اهنئك علي البلوج الجديد, مع خالص التمنيات بأن يصل بلوج بهذا الرقي الي كل الناس. لن اطيل عليك, فأنا فعلا موافق علي ما قلت, بل و ازيد عليه اني اتمني ان يسن قانون بمنع غير المختصين من الظهور علي شاشات القنوات الفضائية حتي لا تصبح (فضيحة من ذوات الأجراس - أكثر من الموجودة فعلا) فعندما يخرج علينا احد الشيوخ المجهولين للعامة -مع كامل الاحترام- و يتحدث في امور حيوية بكلام غير مقنع بالمرة, مثلا, ظهرت في الآونة الأخيرة المشكلة التي اثيرت علي هذه العقيدة التي تسمي بالبهائية, والله, انا بقدر الامكان اتابع من يتحدثون في هذا الموضوع من المسلمين, و ارجع لقسمي بأني لم اجد مرة شيخ الأزهر او وزير الأوقاف او حتي عمرو خالد او الشيخ الجليل يوسف القرضاوي, اقول لم اجد اي منهم يتحدث عن الموضوع بموضوعية, انما كلها عبارة عن فرقعات اعلامية أو كما قلت عزيزي وليد (وصلة ردح عقائدية) و هذا بصراحة اثار اشمئزازي من قضية محسومة لطفل لم يتعلم بعد الصلاة, ويكثر فيها اللغط الاعلامي بغرض التعتيم علي امور اخري. أخيرا و ليس اخرا ارجو من الله ان يهدي الجميع و انا معهم الي ما يحب الله و يرضي. شكرا لسعة صدرك عزيزي وليد و اتمني من الله التوفيق لك و لكل البلوجرز العرب اخوان و اخوات. و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
    أحمد

     
  • At 9:41 AM, Blogger W. M. FECKRY said…

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مرحبا عزيزى أحمد , بارك الله لك , شكرًا لتهنئتك .

    المشكلة عبء حلها لا يقع على جهة واحدة فقط بل جهات عدة : التعليم , الإعلام , رسمى و مستقل , الثقافة , دور العبادة , كذلك لا ننسى دور الأسر .

    المشكلة ان الموضوع حساس , و بنا نحن الشرقيون عيب خطير هو الخوف المرضى من الموضوعات الحساسة , و التعامل معها من بعيد بالملقط , كأنها فيروس معدى أو مادة مخلة بالآداب ! طبعا هذا لا يصلح لحل المشكلة , لأنها تحتاج تعامل مباشر صارم قوى صريح , و هذه مسئولية المجتمع كله .

    المشكلة الأخرى التى تواجه حل الأزمة , هى أن متحجرى العقول من المتشددين و المتزمتين دينيًا , يجدون فى عقول الجهلة و ضعاف التفكير , أرضًا خصبة لثورتهم على أى تطرق للموضوعات الحساسة التى يجب أن نتحدث عنها لا أن نهملها حتى تكبر و تتحول من مشكلات إلى كوارث !

    نسأل الله التوفيق فى الخروج من هذه الأزمة , و نسأله الهداية لكل متشدد مغلق العقل و الروح .

    تحياتى

    وليد

     
  • At 5:26 AM, Blogger محمد النقيب said…

    انا قريت المقال ده بتأني للمره التانيه يا وليد..المقال كويس بس انت مشكلتك بسيطه جدا..انك بتبص للموضوع من جهه واحده..كل كلامك صح ..بس للنهر ضفتان..على الجانب الاخر في الكنائس وفي المجالس المسيحيه يحدث نفس الشيء تماما ..
    بالاضافه للخوف الموجود من الطرفين..المسلمين ميعرفوش اي حاجه عن المسيحيين بسبب سياسات الحكومه اللي شايله التاريخ القبطي تماما من الدراسه والاعلام..وكمان المسيحيين خايفين من المسلمين لان المسلمين اغلبيه..ومش بيظهروا مشاعر ود على العكس تماما ...
    المشكله كبيره جدا ..اكبر من مجرد خطبه في منبر..المشكله في الناس ..المشكله في رجال الدين اللي بيستمدوا سلطتهم من تخويف اتباعهم من الطرف الاخر..

     

Post a Comment

<< Home