وكـر الـذئـب

Tuesday, May 23, 2006

احيه .. احيه _ الجزء الثانى



بسم الله الرحمن الرحيم
اصحى يا حمام ! بابا جاب موز !
استيقظوا و اشرقوا ! تريدون بعض القهوة ؟ لا ؟ حسنًا , على أية حال لم أكن لأقوم من مجلسى المريح مهما كان !
هل أنتم مستعدون لأحيه الثالثة ؟ هيا بنا !
خذوا نفسا عميقا ! عميقا ! عمييييييييقا ! ثم .. معى فى آن واحد :
أحييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه !!
برافو ! أحدكم نشز , لكن لا بأس , عليكم التدرب عليها حتى تحترفونها ! أفكر جديا فى تنظيم دورة دولية فى الأحيه !
المهم
أحيه الثالثة أقولها و أصيح :هل أصاب الفتيات مس من جنون أم ماذا ؟
لم أعد أذهب لمكان إلا و أرى عرضا , يكاد يبلغ مرحلة الستريبتيز ! عرض مثير من الدرجة الأولى لجميع انواع و أشكال و أحجام المؤخرات و النهود ! و المصيبة أن معظم العارضات من المحجبات !
لماذا اذا ترتدينه ؟ و أنت كل ما قمتى به هو ان سترت شعرك و فسرت مقعدتك الرجراجة !
و انا يا أصدقائى شاب متفتح جدا , أؤمن بحرية الجميع , لكن .. احم .. المسألة اصبحت تتجاوز الحدود المعقولة ! فارق بين فتاة بيئتها و وسطها يسمحان باللبس المكشوف او الضيق , و فتاة اخرى تبدو من وسط محافظ لكنها تتفنن فى ارتداء , او عدم ارتداء الملابس الفاضحة !
لم اعد اخرج إلى كافيه او تمشية او مول تجارى إلا و أعد من خمسة عشر لخمس و عشرون فتاة ترتدى ما يمكن ان نتفق على تسميته " اللاملابس " و كلهن أو معظمهن يبدون من فتيات مدارس الثانوى أو مجمع الكليات النظرية , أى أن ليس بينهن فيفيت أو ماهيتاب أو بوسى , بل مسعدة و عطيات و أم الشحات !
و لا أريد أن يفهم البعض من كلامى أنى أريد أن أقول أن الإحتشام مقتصر على طبقة معينة , انا لى صديقات من أوساط محترمة جدا و راقية , يجمعن بين الأناقة و الإحتشام , و التفتح و الإحترام .
كما لا أريد أن يفهم البعض كلامى على أنه هجوم على الحجاب , الحجاب جزء من الدين , رغم الإختلاف بين الفقهاء بشأن ما إذا كانت تغطية الشعر جزء من الحجاب أم لا , هذه مسألة لن أتطرق اليها لأى لست فقيها او دارسا للدين , لكنى أفضل الفتاة المحتشمة دون حجاب على المحجبة حجابا كدة و كدة !
و ليت الأمر يقتصر على الملابس فحسب ! اليكم بعض المشاهد لتدركوا حجم المصيبة :-
المشهد الأول _ ليل خارجى , بلكون أرضى بمقهى أنيق يطل على شاطىء بحر الإسكندرية :
شاب وسيم هادىء الملامح , أنيق , نحيل الجسد مصفف الشعر فى عناية يجلس بجواره شاب آخر عريض المنكبين له صوت مزعج جدًا !!
إظلام مفاجىء ! سببه دخول العبد لله فى الكادر . بجسده الفاره , ثم فجأة اضاءة عنيفة مفاجئة نتيجة انعكاس اضواء المكان على رأسى الحليق اللامع !
أنا اجلس جوار صديقىّ حول المائدة , ألاحظ ضحك مكتوم منهما , أنظر حيث ينظران ثم ...
أرى فتاة محجبة رقيقة جدا , ترتدى سترة و سروال جينز انيقين محترمين , يجلس جوارها شاب رياضى , و الأخت أمامها قدح قهوة سوداء , و بيدها , لامؤاخذة , لىّ شيشة أطول منها هى شخصيا ! بينما الشاب الرياضى , بالطبع , يمسك كوب زبادى خلاط !
زبادى خلاط يا عار الرجولة ؟! ماذا تأكل فى البيت إذا ؟ ريرى ؟!!
ثم بعد قليل وصلت فتاة اخرى , جلست جوارهما , ثم تناوبت مع الفتاة الأولى سحب أنفاس الشيشة بإحتراف يحسدهما عليه أعتى مطاريد الجبل !
المشهد الثانى :-
نهار خارجى , الوقت : ظهرًا , على شاطىء البحر .
أنا أتمشى مع صديقى صاحب الصوت المزعج , الذى كان معى فى المشهد السابق , نمر أمام مقهى صغير على الشاطىء , فتاتان من النوع الذى غادر البيضة لتوه , تجلسان , أحدهما تشير لنا و هى تمصمص شفتيها بإحتراف و تقول : " آآآآآآه أنا عايزة من دة !" نهار ابوكى اسود و منيل يا بعيدة ! من دة ؟! هى حصلت ؟!
انا معروف أنى اسير فى الطريق بإحترامى , لكنى استثناءًا , لم استطع منع نفسى ان اقول :" دة تموتى فى ايده يا ماما ! "
المشهد الثالث :-
ليل خارجى , أمام إحدى مدارس البنات التجارية . كنت فى طريقى لموعد , و قررت ان اختصر الطريق و امر من شارع جانبى لتجنب الزحام الذى اكرهه , فوجئت بزحام ألعن مكون من فتيات مدرسة تجارية مسائية , تجمهرن فى الطريق حتى حسبت ان ثمة مظاهرة فى الأمر !
بينما انا اسير اثار ذعرى و ذهولى صوت حلقى أنفى سكندرى عتيد , صادر من إحدى الفتيات بإحترافية عالية تنم عن ول ممارسة , ثم صوت الفتاة نفسه الذى يعد صوتى القوى رقيقا بالنسبة له و هى تقول لزميلتها :" هى البت راحت فين ؟" فرد الزميلة بصوت كفيل بتطفيش كل عرسان المستقبل :" مشيت مع اتنين رجالة من شوية " بينى و بينكم , انسحبتمنالشارع بخفة, خوفا أن تقوم احداهن بتثبيتى او الإعتداء علىّ !
المشهد الرابع :-
نهار خارجى - بعد العصر , كنت ادخل عمارة بها طبيب اسنان , لافتته معلقة على الباب , مجموعة من الفتيات ترتدين ملابس مدرسة ثانوية ما ..
إحداهن :" شايفة يا ختى الرجالة ,, مش اللى أمك بتتسنكح معاهم !"
الثانية :" هم دول الرجالة يا ختى , بس يا حرام , دة داخل لدكتور يا بنات "
الثالثة :" دكتووووووور ؟ هو اللى زى دة بيحتاج دكتور ؟"
ملحوظة : أؤكد لكم أننى لست شبيه توم كروز ولا صوتى كصوت تامر حسنى , إلا أن تفسير الأمر فى رأيى هو أن ذوق الفتيات انحدر تماما !!
طبعا كانت نتيجة تعليق الأخت الثالثة أنى رقدت يومين فى الفراش , التشخيص ؟ دور برد ثقيل نتيجة تلقى عين بنت ستين فى سبعين !
المشهد الخامس :- رواه لى صديق عزيز
صديقى هذا كان يسير , و كالعادة بطلات المشهد من فتيات مدرسة ثانوية ما , فوجىء بإحدى الفتيات تقول للأخرى بصوت كافى لإيقاظ الموتى :" تصدقى الواد كان عايز يعمل فيا قلة أدب ؟" ( طبعا هى استخدمت اللفظ الصريح !)
الأخرى :" و سبتيه يا عبيطة ؟"
الأولى بكل فخر و شموخ و اعتداد :" لاااااااا ! يا دوب من فوق الهدوم !"
الأخرى , بكل احترام و تقدير :" جدعة يا بت ! "
اسمحوا لى ! احييييييييييييه ! احيييييييييييييييه جدا ان شئتم الدقة !
أين آباء هؤلاء ؟ أخوالهم ؟ أعمامهم ؟ أشقائهم ؟ أين أى مخلوق فى عائلاتهم مكتوب له فى خانة النوع " ذكر ؟" هل هم راضون عن هذا ؟ و هى مصيبة ! أم أنهم يئسوا من إصلاح بناتهم فتعاملوا مع الموقف بمنطق " من لم يستطع مقاومة الإغتصاب فليستمتع به ؟ و هذه كارثة ؟!!
ربنا يستر على ولايانا !
إلى اللقاء مع احيهات أخرى فى المقال القادم إن شاء الله تعالى !
تحياتى
وليد فكرى
الإسكندرية 23 من مايو 2006م



Sunday, May 21, 2006

أحيه .. أحيه _ الجزء الأول



ملحوظة هامة : هذا المقال مكتوب بأسلوب جرىء لغويًا أشبه بالدردشة منه للمقال الرصين , و قد يتضمن ما لا يقبل بعض المتحفظين على هذا الأسلوب , لهذا رأيت أن الأمانة تفرض على التحذير أولاً إحتراما لكل الأذواق .
بسم الله الرحمن الرحيم
اسمحوا لى أن أقولها عالية :" أحيه أحييييييييييه ! " أحيه اسكندرانى من القلب !( أحيه عندنا معشر السكندريين ليست لفظًا بذيئًا , بينما هى كذلك بالنسبة لباقى سكان القُطر المصرى ! على غير السكندريين إذا مراعاة فارق التوقيت ! )
لماذا ؟ نحن فى عالم ديموقراطى يا عزيزى ! من حق كل إنسان أن يقول أحيه بالشكل الذى يحبه ! لكل منا الحق فى التعبير عن " احيته " بالصورة التى يفضلها , منا من يقولها قصيرة :" أحيه " مبتورة , ثانٍ يقولها ممطوطة طويلة :" احييييييييييه " , غالبًا تعبيرًا عن شدة الدهشة أو الإستنكار ! هذا التعبير المحبب من التراث السكندرى العريق , لكن المشكلة أنه يكاد ينقرض بين هذا الكم المريع من أدوات الإستنكار التى وردت على لغتنا السكندرية الجميلة ! بالذات أخوات " أحيه " , و أنا أطالب مجمع اللغة العربية بوضع باب فى اللغة بعنوان " أحيه و أخواتها " أسوة ب" كان " و " إن " !
السؤال الآن : لماذا أحيه ؟!
لأنك عندما تعلم أن فى وطنك و بعض الأوطان المحيطة بعض من يتسع لديهم معنى " الحرية " ليشمل أشياء تقع تحت باب " الإباحية " , و يمزجون بين " التقدم " و " خلع رداء القيم " , يجب عند إذ أن تصيح " أحيه ! "
و لك أن تقرنها بكل ما تريد من أصوات اعتراضية , سكندرية ايضا , لو كانت لحميتك على ما يرام !
طبعا أنا أرى فى عيونكم الآن الدهشة ! خاصة لما تعلمون عنى من أدب و إتزان و حرص على اللياقة , لكن عفوًا اسمحوا لى أن اضع كل هؤلاء على اقرب رف بشكل مؤقت !
الموضوع كبير , و لا تكفيه احيه واحدة , الأمر يحتاج بعض الأحيهات من مختلف المقاسات و الطبقات الصوتية .
فلنبدأ بأحيه الأولى !
بعض الذين يسمون أنفسهم مثقفين و متحررين , ينتقدون الحكومة المصرية , لماذا ؟ لأنها , يا حرام , تفترى على الإخوة الشواذ و تلاحقهم بالقبض و المحاكمة , و تمنعهم من ممارسة حريتهم فى الشذوذ ! تؤ تؤ تؤ ! لأ ما لهاش حق !
هؤلاء يسمون انفسهم اسماء عدة : المتحررين , المثقفين , المتقدمين , الليبراليين , ناشطى حقوق الإنسان , الخ الخ ,, و يقولون أنهم يطالبون صراحة بحقوق الشواذ إحترامًا للحرية الفردية !
لامؤاخذة يعنى ! أنا لا أحب الشعارات و الكلام المنمق ! بالنسبة لى هؤلاء بشكل مباشر و صريح يطالبون بحق الإنسان إنه , لامؤاخذة , ينط على أخيه الإنسان ! رافعين شعار " و تعالى على حجرى يا رمان ! و أنا آخدك و أجرى يا رمان ! " و رمان طبعا مبسوط و سعيد ! و بهذا ينتقل النضال الوطنى من أجل الحرية , من الشوارع و الصحف , إلى غرف النوم و المراحيض العامة و بير مسعود !
يا خى احيه ! احيه و احيه و حتة !
احيه الثانية عن أخت مثقفة من اياهم , من الذين يحلمون بعالم متوازى المستطيلات يتمخط فيه الأفق منفشخا فى ظلمات اللاشىء ! عارفين النوع دة ؟! عارفينه ! طيب !
الأخت تقول بكل حرارة مستنكرة :" لماذا تسمحون للرجال بكشف صدورهم فى الشواطىء و حمامات السباحة و غيرها من الأماكن , و تجبرون المرأة على تغطية صدرها ؟ لماذا تجعلون المرأة تخجل من بروز طبيعى فى جسدها ؟!
و يا قليل الأدب منك له , يا من تقول :" و ماله يا ختى خليهم ياخدوا راحتهم و مايتكسفوش ! " صحيح أن الأمر طبعا يغرى بالتأييد , إلا أن فى النهاية لا يصح إلا الصحيح , نحن فى بلد اسلامى , شرقى , به اديان و قوانين و احترام ! تفرض امورا معينة على الرجل و المرأة احترامها من الطرفين واجب !
ثم يعنى لا ارى داعٍ لهذا الحماس ! لو كنت تتوقع رؤية صدور شبيهة بصدر باميلا اندرسون فأنت واهم تماما !
احيه الثالثة ؟ اصبروا على رزقكم ! فى المقال القادم إن شاء الله !
تحياتى
وليد
الإسكندرية _ 21 من مايو 2006م


Saturday, May 20, 2006

اذكروا الله يا كفرة - الجزء الأخير




بسم الله الرحمن الرحيم
مرحبًا مجددًا ..
ذهنى مشوش اليوم , لأن أمسى كان مرهِقًا جدًا ! لهذا ألتمس منكم العذر عن أية آثار سلبية لهذا التشويش !
لحظة واحدة , انتظرونى ريثما أعد قدحًا من الشاى , و أشغل بعض الأغانى الهادئة .
آآآآآآآآه , يا سلااااااااام ! ما أروع هذا ! قدح الشاى بالنعناع , مع المطربة البلجيكية Lara Fabian فى اغنيتها الرائعة " Je t'aime " .. لو أضفنا لهذا النسيم الخفيف القادم من شرفة غرفتى لوجدنا أنفسنا أمام صورة رائعة للصفاء النفسى .
هل ما زالت خلايا مخكم تحمل ما تحدثنا عنه فى المرتين السابقتين ؟ أعلم أن كل منكم تكاد خلايا مخه الرمادية تموت من التخمة ... هذا موظف يفكر فى مرتب الشهر , هذه تريد أن يتقدم Brad Pitt لخطبتها , ماذا ؟ طلبة الثانوية العامة ؟ هؤلاء لا قلق عليهم من التخمة , فمناهجنا الجميلة أثرها بالمخ يشبه أثر البيتزا تمامًا , شعور الإمتلاء تعقبه راحة , راحة من نوعية " آآآآآآآآه ! كأنى كنت تعبااااان .. و إرتحت ! " طبعا أنا أتحدث عن طلبة القسم العلمى ! أنا كنت بالقسم الأدبى و أعترف أن مناهجه حقًا تفيدنى دراستها حتى الآن .
" اذكروا الله يا كفرة !" هل تذكرون أصدقائنا إياهم ممن يرفعون هذا الشعار ؟
المرة الأولى تحدثنا عن خطباء هذه النوعية , ثم تحدثنا بعدها فى المرة الثانية عن من يطبقونه مع إخواننا أهل الكتاب .
البعض قال لى :" كيف يُطلب من كافر أن يذكر الله ؟ " هذا ما أقصد .. طبعا من انتقدهم لا يقولون هذا حرفيًا , لكنهم يفكرون بذات المنطق المختل , أو ما يمكن أن نسميه "اللامنطق " فهو يصفك بالكفر و الفسوق و الفجور و يتهمك أنك عربيد زنديق حتى أنك جدير بمنافسة أبا لهب شخصيًا , و أنك حين تُلقَى فى جهنم , يا وغد يا زنيم , ستجد إبليس يندفع نحوك فاتحًا ذراعيه هاتفا بكل مودة و شوق :" حبيبى ! حبيبى و ابن حبيبى ! تعالى فى الحضن يا راجل لك وحشة ! "
و أغلب هؤلاء الذين أتناولهم بالحديث , تمتلىء نفسياتهم بالعقد و الإضطرابات , فتكون نفوسهم أراضٍ خصبة لكل مفسد للعقول .
و أنا أتسائَل حقًا بدهشة : أين الدولة و مؤسساتها من هذا الخطر ؟ هؤلاء الأشخاص قنابل موقوتة , رصاصات دُمدُم تنتظر من يصوبها ! و قد عاصرت فى طفولتى و صباى ما ذاقته مصر من ويلات بسبب هؤلاء . و لا أعتقد أننا يمكن أن نحتمل تكرار هذه التجربة المُرة !
و الكارثة الحقيقة أننا نعيش فى دولة نسبة الأمية بين سكانها مخيفة , و نسبة الجهل بين شعبها مرعبة ! و هذا يعنى أنها أرض شديدة الخصوبة لكل من يرغب فى إستغلال العاطفة الدينية للشعب المصرى لتحقيق أغراض سياسية و شخصية , و نتائج مجلس الشعب الأخيرة خير دليل ! هل أدلى المواطن البسيط بصوته لهؤلاء المستغلين لأنه قرأ مبادئهم و إعتنقها ؟ من الناخبين من فعل , لكن الأغلبية العظمى ممن صوتت لهم فعلت هذا تحت تأثير العاطفة الدينية , فقط !
و الكارثة الأكبر أن البعض يعتبر أن كل من ارتدى جلبابا و اطلق لحيته , رجلا مقدسا تحيطه هالة لا مساس بها ! و أن مجرد نقده جريمة نكراء و خروج عن الشريعة ! مع إن الله تعالى قال لنا صراحة أنه لا ينظر لمظاهرنا بل لقلوبنا , و أنا لا أجد صعوبة فى تخيل شكل قلب إنسان يقبل أن يحقق أهدافه السياسية عن طريق استغلال دينه و تدين شعب الوطن الذى ينتمى إليه !
التدين , و حتى التشدد فيه , حق للجميع , لكن ليس من حق أحد أن ينشر البارانويا الإجتماعية التى تحمل شعار " أنا بخير و أنت لست كذلك " ! ليس من حق أى إنسان أن يعتبر آخر كافرًا أو فاسقًا لأنه ليس مثله . الدين مجاله واسع جدًا , و به مكان للجميع . أما ما نجد من هؤلاء الذين يعتبرون التعصب الدينى رسالة سامية , و يحتسبون أنفسهم مجاهدين لهداية المجتمع الفاسق الكافر , على حد قولهم , فهو هراء كبير , لكنه هراء له خطر يجب إيقافه و إلا توحش و التهم مستقبنا جميعا !
و لقد إحتككت مرات مع هؤلاء ممن يعتبرون أنفسهم أصحاب التوكيل الوحيد للإسلام فى مصر , و راعنى ما لديهم من أفكار بعيدة عن الدين تماما , فعلى سبيل المثال , كنت أناقش أحدهم فى أمر ما و أنا أستدل على صحة كلامى من القرآن و السنة , بينما أجده يردد آيات معينة بشكل آلى لو رآه طفل لقال أن من يرددها إنما هو ببغاء حفظ بعض العبارات دون فهم معانيها ! و الطامة الكبرى حين وجدته يقول لى :" طبقا للوصية الثامنة للإمام , و طبقا للوصية العاشرة للإمام !" يا للهول ! أنا أقول قال الله و قال الرسول , و أنت تقول لى :" قال الإمام ؟" .. طبيعى ! فهذا الشخص حولته أيادٍ محترفة من إنسان له تفكير و عقل واعٍ إلى شىء غريب لا محل له من الإعراب , يردد وصايا و أقوال كأنها قرآنًا , ناسيًا أن كل انسان سيحاسب بعمله هو , و أن إمامه , لن يحاسب بالنيابة عنه !
هؤلاء كانوا " أتباع الدين " و أصبحوا " أتباع الأئمة " او " أتباع الجماعة " بينما المفروض أن نكون جميعا أتباع الله و رسوله و أن نستدل بكتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه و سلم , لا أن نقول :" قال الإمام " و " قال المرشد " !!
و أوجه نداء للجهات المعنية فى الدولة , نحن أمام كارثة حقيقة , قنبلة موقوتة الله وحده يعلم متى تنفجر ! الخطر أكبر من أن تحاصره قوات الأمن المركزى , و الكيان الشرير الذى نواجهه ليس ماديًا ليتم اعتقاله من قِبَل امن الدولة ! الأمر يحتاج إلى تضافر قوى حقيقى من وسائل الإعلام و قيادات التربية و التعليم و القيادات الدينية بل و النوادى و النشاطات الإجتماعية ! أين كل هؤلاء من المصيبة التى تنتظر الوقت المناسب لها لتنقض على كل أمل لنا فى التقدم و الحياة ؟ أين أقلام الكتاب و ندواتهم ؟ أين رجال الأعمال و تمويلهم للقنوات الفضائية ؟ أين مشرعينا ليضعوا قوانينًا صارمة للضرب على يد كل من يفسد أفكار الشباب ؟ أين محامونا ليرفعوا الدعاوى القضائية يلاحقون بها أئمة التضليل و يقضون مضاجعهم و يزجون بهم فى أقفاص الإتهام بتهمة إفساد عقول الشباب المصرى ؟ كل هؤلاء مطالبون بالوقوف كالبنيان المرصوص فى وجه هذا العدو الذى يريد بنا الخراب !
يجب ان نشعر بالخطر ! عندما أجد من يُطلِق صفة الكفر على هذا و ذاك بكل جرأة , يجب أن نشعر بالخطر و عندما نسمع أن فى إحدى الجامعات المصرية قام شباب التيار الإسلامى بإصدار فتوى بتحريم بعض العاب الكمبيوتر لأن اللاعب يلعب بجيوش كافرة , فيجب أن نشعر بالخطر ! يجب أن نحسه بيننا , عندما نعلم أن شباب التيار الإسلامى بذات الجامعة عقدوا مجلسًا لإصدار فتوى بإباحة أو تحريم تربية سمك الزينة ! يجب أن نرى الخطر أمامنا عندما نجد من يحرمون علومًا نفعت الإنسانية مثل الفلسفة و الفنون و الهندسة الوراثية ! يجب ان نلمس الخطر بعقولنا عندما نجد من يدعون لرفض كل ما ينتمى للثقافات الأخرى , بغض النظر عن تناسبه معنا من عدمه !
يجب أن ندرك جيدًا ! أننا فى خطر
تم بحمد الله تعالى
وليد فكرى - الإسكندرية - 20 من مايو 2006م


Saturday, May 13, 2006

اذكروا الله يا كفرة - الجزء الثانى


بسم الله الرحمن الرحيم
" قلنا مزحة ولا البد راح يرجع يحكينا .. تارى القصة عن جد ما بده يحاكينا "
احم ..
عفوًا , هل يضايقكم الصوت العالى للأغنية ؟ حسنًا سأخفض الصوت قليلاً .. مشكلتى أننى حين اسمع الرائعة جوليا بطرس اندمج بشدة مع الكلمات و اللحن, هذا غير الصوت الرائع للمطربة اللبنانية الشهيرة .
كعادتى أجلس .. ها ؟ أين ؟ ماذا ؟ فى الحمام ؟؟ رغم احترامى الشديد لكل الأمزجة إلا أنى اجده مكانًا غريبًا نوعًا للإبداع ! بالطبع أجلس فى ... ها ؟؟؟ برررررافوووو .. فى غرفتى .. فى الظلام ... و أمامى قدح ضخم من القهوة الفرنسية الرائعة !
اليوم أكمل موضوعى عن أتباع مبدأ " اذكروا الله يا كفرة " المرة الماضية تحدثت , كمثال , عن خطيب مسجد المنطقة التى اقطنها .. للأمانة , الرجل ليس دائما هكذا , احيانا نادرة يكون متزنًا فى خطابه , و إن اثار هلعى من حين لآخر بشخطاته المفاجئة وسط الخطبة !
اليوم اتحدث عن نوع جديد من تطبيق شعار " اذكروا الله يا كفرة " و هو التعصب و التشدد تجاه " الآخر ".
خلاصة حياة الإنسان على الأرض , بما تضمنته من رسالات و ابحاث و افكار , تعلمنا أن هناك دائما " آخر " يجب أن نحترمه و نراعيه و نُحسِن التفاعل معه لتستمر الحياة . المشكلة أن كثيرون لا يعترفون بهذا , و يتعاملون معه دائما على انه عدو , أو فى افضل الأحوال , خصم , يجب أن نهزمه و ندحره و ندمره تدميرًا .. و لهم فى هذا أساليب عدة تبدأ بالسباب و تنتهى , عياذا بالله , لإراقة الدم انهارًا !
و الآخر الذى اقصده فى هذا الموضوع بالذات هو غير المسلم , تحديدًا , أهل الكتاب من يهود و نصارى .
هؤلاء خلعت عليهم شريعتنا السمحة صفات عدة , أبرزها أنهم اهل ذمة , أى أنهم فى ذمتنا نحن المسلمين , أرواحهم و أموالهم و أعراضهم و مشاعرهم , أمانة فى أعناقنا إلى يوم الدين . و المفروض أن يكون المسلم أهل لتلك الأمانة .
لكن للأسف البعض يتعاملون مع اخواننا اهل الكتاب على انهم كائنات خطرة شريرة يجب أن نسحقها سحقا .. و لهذا مظاهر عدة :
- على سبيل المثال , نجد بعض الخطباء فى يوم الجمعة , يستنزلون اللعنات على اليهود و النصارى . قد يقول البعض , اليهود يستحقون اللعن , و لهم أقول : الصهاينة يستحقون اللعن , أما اليهود فهم أهل كتاب , بينما الصهيونى يخالف بصهيونيته كل آيات التوراة و الإنجيل و القرآن , بل يخالف الفطرة ذاتها ايضا !
و المنبر لم يُجعَل مهبطًا لللعنات ! بل هو منارة هداية ! و لا يليق بإنسان يحترم بيت الله ان يتلفظ فيه بلفظ اللعن ولو سرًا , الرسول عليه الصلاة و السلام لم يُبعَث لعانًا , و أنت ان كنت ترى أن هذا او ذاك , ضال , لا تلعنه .. ادع له بالهداية , فقدرة الله تعالى على الهداية هى نفس قدرته على اللعن ! فليكن اختيارك ان تدعو بالهداية فهو الدعاء الذى يليق بنا و بأخلاقنا .
- مثال آخر على مخالفة تعليمات الشريعة بصدد التعامل مع أهل الكتاب : من الطبيعى أن تدور من حين لآخر حوارات بين الأديان و المذاهب , لا بأس , لكن للحوار آداب و قواعد , و له ناسه و مختصيه , لكن للأسف نرى احيانًا من يعتبرون أنهم أهل لهذه المناظرات , فى حين أنهم لا يتمتعون بموهبة النقاش , و قد لا تزيد ثقافتهم الدينية على كتب "عذاب القبر " و أهوال يوم القيامة التى تباع على ارصفة المساجد , مع احترامى للجميع , بالتالى تتحول المناظرة من حوار بين الأفكار , إلى , عفوًا للتعبير , وصلة ردح عقائدية ! و العقائد جميعها بريئة من هذا الأسلوب !
و للأسف لا نرى , إلا فى ما ندر , خطيبًا يقوم يوم الجمعة ليحث الناس على حسن معاملة غير المسلم , او يقول لهم أن الرسول عليه الصلاة و السلام قال: من آذى ذميًا فقد آذانى " , و لا نجد من يقول أن لو كان اهل الكتاب لا يستحقون حسن المعاملة , ما كان الله تعالى أحل لرجالنا الزواج من نسائهم , و الزواج هو أبرز صور التراحم و المودة ! بل نجد للأسف من نسبة كبيرة منهم سبًا و لعنًا و شتمًا , فى الميكروفونات , الأمر الذى لكم ان تتخيلوا أثره السيىء على الوحدة الوطنية !
المفروض أن من يأخذ الدين و يؤمن به , يأخذه ككتلة واحدة لا تتجزأ , لا يقبل فقط آيات الويل و الثبور و عظائم الأمور , بينما يقلل من شأن نصائح التواد و التراحم و حسن الجيرة !
و العقل يقول أن من يعيش ببلد به اختلافات مذهبية او دينية , عليه أن يُدرِك حقيقة أن لا مكان لكلمتىّ "أنا " و " أنت " , الكلمة الصحيحة هى " نحن " !! فنحن جميعًا فى مركب واحد و مهمتنا الحفاظ على توازنه و سيره الواثق الآمن !
و ما يغيظنى ايضًا , افتاءات البعض أن المسيحيين لا يحق لهم المشاركة فى الحفاظ على الأمن ولا الإنخراط فى الجيش , و أن عليهم بدلاً من هذا أن يؤدوا الجزية ! الرد على هؤلاء , أن الجزية ليست نظامًا استحدثه الإسلام , بل هى تقليد متبع فى كل دولة تسيطر عليها قوة ما , فتأخذ الجزية من اهلها كمقابل للحماية , هذا كان قديما عندما كان المسلمون حديثو استقرار فى مصر , و كانوا اصحاب القوة العسكرية الوحيدة فى القطر المصرى , أما الآن فالمسلمون و المسيحيون أصبحوا يشكلون شعبًا واحدًا , يشترك فى مواجهة الأزمات و التهديدات و تحمل تبعات الكوارث و الملمات .. فعلى أى اساس نأخذ الجزية ؟ و عن استبدال الخدمة العسكرية بالجزية اقول , ما دمنا شعبًا واحدًا , فبأى حق تحرم طائفة من الشعب طائفة أخرى من حق دفاعها عن وطن تشترك فيه الطائفتان ؟
هذه الفئة التى تسيىء فهم تعاليم الدين بشأن أهل الكتاب , لا تمثل الإسلام , بل تمثل الجهل و التعصب و الظلم , و هى صفات جاء الإسلام لينزعها من العالم نزعًا !
اتقوا الله فى دينكم ! لو فهمتم حقًل لماذا انتشر الإسلام و دخل فيه الناس افواجًا ما كنتم تعتنقون مذهب التعصب الدينى الأعمى
" بسم الله الرحمن الرحيم . إذا جاء نصر الله و الفتح . و رأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجًا . فسبح بحمد ربك و استغفره إنه كان توابًا . صدق الله العظيم "
هل تفهون معنى هذا الكلام الكريم من رب العرش العظيم ؟ إنه يأمرنا إن كانت لنا الغلبة فى بلد أن نسبح و نحمد و نستغفر . لا أن نلعن و نعادى و نجور !
و تذكروا أن الله تعالى حملنا دماء و اعراض و اموال أهل الكتاب فى هذا البلد , أمانة . فلنكن أهلاً لها , فهذا اختبار إلهى , بئس عاقبة من يفشل فى إجتيازه !
تحياتى
وليد
الإسكندرية
13من مايو 2006م

Friday, May 12, 2006

اذكروا الله يا كفرة - الجزء الأول


بسم الله الرحمن الرحيم
مرحبًا بكم ..
أجلس , كعادتى العتيدة, فى الظلام أمام الكمبيوتر , ظلام كاد أن يكون تامًا لولا الضوء الذى يتسلل على استحياء من مصباح المكتب الصغير , منعكسًا على ملامح وجهى الصارمة بطبيعتها , التى تشترك مع وجهى و رأسى الحليقين , و بنيانى الفارع , فى إعطائى مظهرًا يليق بحارس خاص لزعيم مافياوى ( دون مايكل كورليونى كان سيرقص طربًا لو وجد حارسا بهذه المواصفات )
أُفَضِل الجلوس فى الإضاءة الخافتة , مع موسيقة خافتة تنبعث من سماعات الكمبيوتر ( للصدفة البحتة , استمع الآن إلى للموسيقى التصويرية لفيلم الأب الروحى ! يبدو أن المصادفات تُصِر أن تثبت لى أن مستقبلى الحقيقى هناك فى صقلية عند الدون الكبير ! )
المهم , ها قد وصفت الجو المحيط , فلنطرق الموضوع قبل أن أنسى نقاطه الأساسية .
اليوم أتحدث عن بعض رجال الدين , و الأشخاص , الذين يتعاملون مع المجتمع بطريقة " اذكروا الله يا كفرة "
فلنبدأ ببعض خطباء المساجد , و أؤكد على كلمة " بعض" , حتى لا أظلم أولئك الذين يقدمون فى خطبهم موادًا مفيدة حقًا .
أنا أصلى الجمعة فى مسجد يبعد عن منزلى بشارعين صغيرين , توالى على هذا المسجد خطيبين , من النوع إياه الذى أتناوله اليوم !
يبدأ الأخ الخطيب خطبته بالصلاة و السلام على رسول الله , عليه أفضل الصلاة و السلام , ثم ... و آآآآآآه من " ثم " هذه !
يتحفنا الأخ بوابل من آراءه فى الحياة ومن يعيشونها ! للأمانة لا أنكر أن جزءًا منها صحيح و الكل متفق عليه , إلا أن النسبة الأكبر من كلامه تصب فى منبع أننا جميعا فسقة و عصاة و أولاد ستين فى سبعين و أن أحدنا لن يَرِد على جنة ! التجار جشعون , الشيوخ متصابون , الشباب أوغاد رقعاء منحلون لا يتورعون عن ركل مؤخرات العجائز فى الطريق العام ! نظرة سوداء لكل شىء , حتى أننى ضبطت نفسى ذات مرة بعد الصلاة أنظر فى المرآة بحثًا عن القرنين و الذيل , و بت أتسائل عن ما إذا كانت حيازتى للشوكة الطويلة ذات الثلاث رؤوس تعد حيازة غير قانونية لسلاح أبيض !
و قد يتحدث عن الأنبياء و الرسل و الصالحين , و نستغرق فى الخطبة , ثم !! و مرة أخرى آآآه من ثم هذه !
يبدأ يصيح فينا أن أين نحن من هؤلاء ! و أننا نعيش حاليا فى دنيا من الفساد و الإنحلال , و يلف و يدور ليتحدث عن ليلة الجمعة ! متهمًا إيانا أننا أصبحنا نتجاهل ما فيها من خير , و نسهر حتى بعد الفجر و نحن , خيبة الله علينا , جالسون مأنتخون أمام الدِش و الإنترنت , تلك الإختراعات الرقيعة التى أرسلها الغرب اللعين لنا ! لا أنكر أن من الناس من يتجاهلون الصلوات و القرآن و كل تلك العبادات , لكن .. من أين للأخ الخطيب المحترم أن يطلع علينا واحدا واحدا ليعلم من صلى و من نام أمام قناة ميلودى ؟
ثم , ما حكاية الغرب هذه ؟ أكره نظريات المؤامرة , التى تفترض ان الغرب وغد شرير زنيم يتمنى لنا الشر , هو الغرب فاضى لنا ؟! الثقافة الغربية, كأى ثقافة , بها الغث و الثمين , و انتشار بعض مظاهرها التى لا تناسب مجتمعنا الشرقى العربى , لا يعنى أن العيب فى الغرب , بل فى من اساء انتقاء و تطبيق ثقافته . و ما لا يناسبنا من الثقافات الأخرى , لا يعد اساءة للإسلام وحده , بل يمثل أيضا اساءة للثقافة الشرقية التى يتفق عليها اليهود و المسيحيين و المسلمين الشرقيون , فلا داعى للحديث عن أن هذه مؤامرة مركزة بالذات على المسلمين !
ثم أن الحديث عن الغرب الشرير البغيض , يعتبر , بحق , شماعة يهوى البعض تعليق عيوبنا و سلبياتنا عليها , و ينشرون فكرة أن الغرب شيطان لعين يرسل لنا العاهرات و المخدرات و يفتح بالوعات الصرف الصحى و يبيع السجائر الفَرط لتلاميذ الإعدادية !
نعود لخطباءنا اياهم ! الرجل منهم يمسك أذنك منذ أول الخطبة لآخرها متحدثًا عن الويل و الثبور و عظائم الأمور و الفساد و الإنحلال و البلاء الأزرق الخ الخ الخ ! اعتقد أن هذا الخطيب لو كان يفهم رسالة الإسلام بشكل سليم لأدرك أن الخطابة الإسلامية لا تعنى الحديث عن الجانب الأسود فقط من العالم , فالقرآن الكريم كما تحدث عن قوم عاد و ثمود و لوط , تحدث عن الصالحين مثل مؤمن آل فرعون و إمرأة فرعون و السيدة العذراء ,سيدة نساء العالمين , رضى الله عنها و ارضاها . و الرسول الكريم , محمد صلى الله عليه و سلم , كما تحدث عن شهود الزور و جيران السوء و النمامين , تحدث عن الشهداء و المصلين و الرفقاء بمخلوقات الله تعالى .
و الكارثة الكبرى , عندما يتحفك أمثال هؤلاء الخطباء بغريب و مستفز القول , مثلما فعل أحد خطيبىّ المسجد الذى اصلى فيه الجمعة , عندما قال ذات مرة :" سيدنا الحجاج بن يوسف الثقفى رضى الله عنه ! "
لكم أن تتخيلوا تعبيرات وجهى عندما سمعته يقولها , ولولا أننى كنت فى مكان طاهر و موقف مقدس لعبرت له عن اعتراضى و رأيى بأعرق الطرق السكندرية للإعتراض !
الحجاج ! سيدنا ؟ و رضى الله عنه ؟ يا حلاوة يا ولاد ! عموما نحن فى بلد ديموقراطى , و ربما يرى الأخ أن الحجاج به ما يستحق أن يكون سيدنا و سيد من أنجبونا ! الحجاج الذى ضرب الكعبة بالمنجنيق و قال عنه عمر بن عبدالعزيز رضى الله عنه :" لو جائت كل أمة بخطاياها و جئناهم بالحجاج لكفيناهم ! "
و عن اخطاء النطق و الكلمات , حدث ولا حرج , إذ أن من الطبيعى جدا أن ينسى الأخ الكلام , بل و يتفوه بألفاظ و تعبيرات مستفزة , مثل :" و فرعون قال لوزيره , بنو اسرائيل دول ايه ؟ دول شوية خلابيص ! "
خلابيص ؟!! هذا ما فتح الله به عليك يا شيخ ؟!! اساسا أنا اعترض على استخدام العامية فى خطبة الجمعة , المفترض أن خطبة الجمعة لا تمثل فقط جزءًا اساسيا من الصلاة , بل أيضا هى جزء من ثقافتنا , لهذا يجب ان يتمتع ملقيها بفنون الخطاب . اما ما نراه من بعض الخطباء , من حديث ببعض المصطلحات المبتذلة , و اطالة لا مبرر لها فى الحديث , حتى ان بعض الخطب تتجاوز مدتها الاربعون دقيقة , و تهتهة و نطق خاطىء للحروف , كل هذا يقتل فن الخطبة قتلا ! و بالتالى يقتل اهتمام الناس بالإستماع . طبعا انا لا اقصد ان اسخر ممن اصيبوا بعلة فى اللسان او من لا يملكون القدرة على تذكر الكلام , لكن , مع احترامى , هؤلاء تنقصهم احدى اهم خصائص الخطيب , فعليهم ان يتنحوا عن المنبر لغيرهم ممن هو اقدر على الخطابة .
ثم أن لى اعتراضا آخر , اعترض على اعتبار السياسة مادة اساسية فى الخطبة , مع كامل احترامى لكل الآراء , إلا أن المواقف السياسية و الأزمات و الخلافات الحزبية و الحكومية ليست المشكلة الأساسية لمجتمعنا , صحيح ان الدين يتناول كل جوانب حياتنا , لكن بالحياة جوانب أخرى تستحق الإهتمام , لماذا يكثر الحديث عن الإنتخابات و العراق و افغانستان و قنوات الكليبات , بينما لا اجد من يتحدث عن التكافل الإجتماعى و الترابط الأسرى , لا اعترض على مجرد الحديث فى السياسة فى الخطبة , بل اعترض على اقتصار الخطبة على الكلام فى السياسة . هذا اشبه بالأب الذى يرعى ابنا له على حساب باقى ابناءه. لماذا معظم الخطب مكررة الموضوعات ؟ لماذا لا نجد خطيبا يتحدث عن الصداقة , الحب , المتع الحلال , الفن المباح .. لماذا معظم الخطب تتحدث عن المجتمع الفاسد العربيد الذى يستحق الحرق بجاز متسخ , من وجهة نظر الخطيب ! ؟ (مشيها متسخ عشان الفصحى ) .. لماذا هذه النظرة السوداء للعالم و المجتمع
أكرر , لا أقول أن هذا حال " كل " خطباءنا , بل هو حال " بعضهم " لكن المشكلة أن هذا البعض يكثر و يعلو صوته على حساب الأصوات العاقلة , كما يقول المثل الشعبى " الغجرية سِت جاراتها "
عفوًا يا سادة ! هذا ليس ديننا ! و ليست خطبنا ! و ليست افكارنا ! ديننا يخاطب العقل و يحترمه ! و يتناول كل شىء بالرفق و اللين ! و تذكروا ان الطبيب الذى يقول للمريض :" أنت تدخن و مصاب بالسرطان و ستموت لأنك تستحق ذلك " هو طبيب فاشل بكل المقاييس !
اتقوا الله فينا و فى انفسكم ! وقفتكم على المنبر مهمة جليلة , و أمانة ! فأدوها بحق ! و تذكروا ان الإسلام دين تيسيير لا تعسير ! و أن أركان الإسلام لا تضم التكفير و التفسيق و الحكم على المجتمع أنه فاسد يستحق كارثة من السماء !
وليد
الإسكندرية 12 من مايو 2006م

Thursday, May 11, 2006

قبل أن تقرأ


بسم الله الرحمن الرحيم
أنا وليد محمود فكرى . شاب مصرى سكندرى , أبلغ من العمر 25 عامًا , و أدرس بالعام الأخير بكلية الحقوق .
هواياتى القراءة و الكتابة و السباحة و تعلم اللغات . أجيد الفرنسية و الإنجليزية و أتعلم الألمانية حاليًا .
مجالات قراءاتى المفضلة هى التاريخ , القانون , العلوم الجنائية , علم النفس , علم الإجتماع , الأديان , و الظواهر فوق الطبيعية .
كُتابى المفضلين هُم , الأساتذة , عبدالوهاب مطاوع , أنيس منصور , راجى عنايت , نجيب محفوظ , عبدالحميد جودة السحار , د. أحمد خالد توفيق , د. نبيل فاروق .
أحب أغلب أنواع الموسيقى , بالذات الكلاسيكيات .
هذا , تقريبا , كل شىء عنى .
أرغب أن أقدم فى هذا البلوج , مواد جديدة , أخرج بها من الجو السياسى الذى سيطر , للأسف الشديد , على أغلب البلوجات العربية . لا أنكر أهمية السياسة , لكنها , على أهميتها , تبقى جزءًا من الحياة , لا كل الحياة . لهذا أريد أن أطرق هنا أبوابًا أخرى غير السياسة , و أرجو أن يوفقنى الله تعالى لتقديم ما يستحق إهتمامكم و وقتكم .
تحياتى
وليد محمود فكرى
الإسكندرية , 11 من مايو 2006 م